أحرف الجواب واحرف التصديق
أحرف الجواب والتصديق |
حروف الجواب والتصديق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة أحرف الجواب والتصديق، حروف الجواب والتصديق، حروف الجواب، حروف التصديق، حرف الجواب نعم، حرف الجواب بلى
حرف الجواب نعم
أولا: حرف الجواب نَعَمْ
- حرف من حروف الجواب. وفيها أربع لغات. فتح النون والعين وبها قرأ معظم السبعة ، والثانية: كسر العين ، وهي لغة كنانة ، وبها قرأ الكسائي (1). والثالثة: كسر النون والعين تنزيلاً لها منزلة الفعل في قولهم: نِعِم وشِهِد بكسرتين ولم يقرأ بها احد الفارسي أجازها بالقياس (2). والرابعة (نَحَم) ، فتح النون وقلب العين المفتوحة حاء ، كما قلبت الحاء عيناً في (حتى) .حكاها النضر بن شميل وبها قرأ ابن مسعود (3).
وهي لتصديق مخبر ، أو وعد طالبٍ ، أو إعلام مستخبرٍ.فالتصديق يكون بعد الخبر نحو (قام زيد) فتقول: نعم ، أو (ما قام زيد) فتقول: نعم. ، نحو (زرنا قريباً) ، أو (لا تخبره بما حدث) واعداً بأنك ستنجز طلبت. وبعد الاستفهام في نحو :( هل تعطيني؟). ويحتمل أن تفسر في هذا بالمعنى الثالث ؛ والإعلام يكون بعد الاستفهام في نحو :( هل جاءك زيد؟) ونحو (فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً) (4) ، وقول صاحب المقرب: (فنعم عادة في جواب الاستفهام والأمر) (5) غير مطرد لما بيناه.
كانت قيمته اللاحقة ، نحو: (نعم ، هذه النحاة) ، قال ابن هشام: (والحق أنها في ذلك ، إعلام ، جواب لسؤال مقدر) (6) كأن القائل قدر آثار ديارهم فقال في جوابه: (نعم) تأكيد لنعم.
- ولم يذكر سيبويه معنى الإعلام ألبته ، بل قال :( وأما (نعم) فعدة وتصديق) (7).
قيل ، القاهرة ، القاهرة ، القاهرة ، القاهرة ، القاهرة ، القاهرة ، القاهرة ، القاهرة ، القاهرة ، القاهرة ، القاهرة ، القاهرة ، القاهرة ): (في جعلها للسؤال تصديقاً تجوز) (8).
قال أبو حيان: (والنفي كالمقرر ، والسؤال عن المنفي ، كالنفي تقول: ما زيد ، وما قام زيد فالجواب (نعم) في الموجب والسؤال عنه تصديق للثبوت وفي النفي والسؤال عنه تصديق للنفي) (9)
أي: أن ترفع ذلك وتبطله.
- والذي يراه الباحث أن أبا حيان في قوله هذا قصد تصديق المجيب أو تكذيبه أي: إذا قال قائل: (ما قام زيد) فان أردت تصديقه قلت: (نعم) أو تكذيبه قلت: (بلى) وليس جعلها للسؤال تصديقا وهو القائل: (ولإعلام مستخبر فتقول: (هل جاء زيد) فيقول: (نعم) أي:جاء) (10)؛لان الجواب إنما جيء به لأجل تحصيل المستفهم،وغرضه هو إعلام المجيب لا تصديقه،فان كلامه إنشاء ليس مجالا للتصديق.
حرف الجواب بلى
- ثانيا: حرف الجواب بلى
حرف ثلاثي الوضع،والألف من أصل الكلمة.وزعم الفراء أن أصلها (بل) زيدت عليها الألف للوقوف (11) ويرى السهيلي:أنها مركبة من لفظ (بل) التي للإضراب،ولفظ(لا) التي للنفي جاء في (أمالي السهيلي):( فمن اجل ذلك لا تقع أبداً إلا إضراباً عن نفي،ومن اضرب عن النفي فقد أراد الإيجاب) (12) وقيل : إن الألف للتأنيث؛بدليل إمالتها.وقد نسبه ابن عقيل(13) إلى الفراء وليس كذلك.
وهي مختصة بإيجاب النفي أي:تنقض النفي المتقدم، سواء كان ذلك النفي مجرداً، نحو:(( زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي))(14)أم مقرونا بالاستفهام،حقيقا كان،نحو:(أليس زيد بقائم)،فتقول: بلى،أو توبيخياً،نحو: ((أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى))(15)؛ أو تقريريا،نحو: ((أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى))(16)،اجروا النفي مع التقرير مجرى النفي المجرد في رده(ببلى)،ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما: لو قالوا: (نعم) لكفروا ووجهه أن(نعم)تصديق للمخبر بنفي أو إيجاب ،ولذلك قال جماعة من الفقهاء: لو قال: (أليس لي عليك ألف) ، فقال: (بلى) لزمته،ولو قال: (نعم) لم تلزمه.
وقال آخرون: تلزمه فيهما وجروا في ذلك على مقتضى العرف لا اللغة.قال السهيلي: ((فلا يمتنع أن يجاب بنعم بعد الاستفهام من النفي،لا تريد تصديق النفي ،ولكن تحقيق الإيجاب الذي في نفس المتكلم،لان المتكلم إذا قال لمن رآه يشرب الخمر منكرا عليه:أليست الخمر حراما؟لم يستفهمه في الحقيقة ،وإنما أراد تقريره أو توبيخه وفهم مراده في ذلك ،بقرينة ،فلما فهم مراده وانه يعتقد التحريم جاز أن يجاب بنعم ،تصديقا لمعتقده دون التفات إلى لفظ النفي لأنه ليس بناف في الحقيقة ،إلا أن أكثر العرب على غير هذا ،يرون مراعاة اللفظ أولى ،لأنه الظاهر المسموع ،وبه نطق القرآن))(17) وتبعه في ذلك تلميذه الشلوبين ،وابن عصفور ،وابن مالك (18) ،وعلى ذلك حديث رواه أبو عبيد في (شرح الغريب) ، وهو أن المهاجرين قالوا: ((إن الأنصار قد آوونا وفعلوا معنا وفعلوا. فقال: ألستم تعرفون ذلك لهم ؟ قالوا:نعم. قال:فان ذلك ))؛ أي:إن ذلك مكافأة منكم لهم. وكذلك قول جحدر(19):
أليسَ الليلُ يجمعُ أمَّ عمروٍ وإيانا،فذاك بنا تداني
نعم،وترى الهلال،كما أراه ويعلوها النهار،كما علاني
وقول المهاجرين للنبي صلى الله عليه وسلم يؤول على أن ذلك لأمن اللبس؛لأنه قد علم أنهم يريدون نعم نعرف لهم ذلك.وقول جحدر على أن (نعم)جواب المقدر في نفسه،من اعتقاده أن الليل يجمعه وأم عمرو ويقويه قوله: (وترى الهلال كما أراه) بالواو،عطفا على (يجمع)؛لان الفعل يعطف على الفعل.أو يكون جوابا لقوله: (وترى الهلال_ البيت) وقدمه عليه،أو أن يكون قوله:نعم،تصديقا لقوله : ((فذاك بنا تداني)) قال أبو حيان: (وآما قول جحدر فليس نصا في أن التقرير يجاب بنعم) (20).
قالوا:ومما يقوي الجواب بنعم إذا دخل حرف الاستفهام على النفي بخلاف حاله قبل الاستفهام،أن حكم النفي قد تغير وعاد إلى التقرير والإنكار،وان العرب قد أجرت الكلام بعد الاستفهام على غير ما كان قبله في مسائل كثيرة ،منها: (21)
دخول إلا قبل الاستفهام؛نقول:ليست الخمر إلا حراماً،وما محمد إلا رسول،إن قلت:أما محمد،أو قلت:أليست الخمر، لم يجز إدخال إلا في هذا الكلام،كما لا يجوز إدخالها في الواجب،فيدل على أن الكلام قد صار حكمه حكم الواجب.
ومسألة أخرى:وهو أنك تقول قبل الاستفهام:ليس زيد قائماً بل قاعداً،ولو عطفت ببل بعد الاستفهام لم يجز،فقد تغير اذاً حكم النفي.
ومسألة ثالثة،وهو أنك تقول:أليس زيد إنما هو قاعد،فتكون إنما وما بعدها في موضع خبر ليس،ولا يجوز ذلك قبل الاستفهام،فدل على أختلاف الحكمين.
ومسألة رابعة:وهو أنك تقول:ليس زيد قائماً،فيقوم عمرو،فإن أدخلت ألف الاستفهام لم يجز إدخال الفاء.
ومسألة خامسة:وهو أنك تقول:ليس أحد قائماً فإن أدخلت ألف الاستفهام على النفي لم تقل:أليس أحد قائماً ،لقوة معنى الإيجاب الذي في ضمن الكلام،فتأمله؛إذ لا يستعمل لفظ أحد في الإيجاب.
وزعم بعض النحويين(22):أن (بلى) تستعمل بعد الإيجاب مستدلا بقوله(23):
وقد بعدت بالوصل بيني وبينها بلى،إن من زار القبور ليبعدا
واستعمال (بلى)في البيت لتصديق الإيجاب شاذ.وما ورد من ذلك فلا يقاس عليه لقلته ؛لان (بلى)لا يجاب بها عن الإيجاب اتفاقا.
حرف الجواب أجل
- ثالثاً: حرف الجواب أجل
بسكون اللام.حرف جواب مثل (نعم) تكون لتصديق الخبر،ولتحقيق الطلب ولا تجيء بعد الاستفهام تقول لمن قال: (قام زيد):أجل تصديقا له في الإخبار بقيام زيد.ولمن قال لك: (اضرب زيداً):أجل وعدا له بتحقيق طلبه(24).قال الشاعر(25):
ولو كنت تعطي حين تسأل سامحت لك النفس،واحلولاك كل خليل
أجل،لا،ولكن أنت أشأم من مشى وأسأل من صماء،ذات صليل
وقال آخر(26):
وقلنَ:على الفردوس أول مشرب أجل جير،إن كانت أبيحت دعاثره
قال صاحب(رصف المباني): (ولاتكون جوابا للنفي،ولا للنهي)(27).
أي:جعلها للخبر المثبت.والطلب بغير النهي.
وقال غيره:(أجل)حرف موضوع لتصديق الخبر ولا تجيء جوابا للاستفهام ولا للطلب تقول:(جاء زيد) في الإثبات،و(ما جاء زيد) في النفي فيقول للقائل:أجل.هذا على قول الزمخشري،وابن الحاجب ،وابن مالك(28).
وخصها ابن خروف بالخبر في الغالب قال:أكثر ما تكون بعده(29).
وقيل:هو حرف جواب مثل (نعم)،فيكون تصديقاً للخبر،وإعلاماً للمستخبر،ووعداً للطالب فتقع بعد نحو:(قام زيد) ونحو:(أقام زيد؟)،ونحو:(اضرب زيداً).هذا على قول ابن هشام والسيوطي(30).
وعن الاخفش:أن ( نعم) أحسن من (أجل) في الاستفهام،و (أجل) أحسن من (نعم) في الخبر،فجوز،مجيئها على ما ترى،في الاستفهام أيضا.فإذا قال:أنت سوف تذهب.قلت:أجل.وكان أحسن من (نعم).وإذا قال:أتذهب؟ قلت:نعم.وكان أحسن من (أجل)(31).
رابعاً : حرف الجواب (إنَّ)
- حرف جواب بمعنى (أجل).ذكر ذلك سيبويه،والأخفش،والزجاجي(32)،وأكثر النحويين.جاء في(الكتاب): وأما قول العرب في الجواب: (إنّهْ) فهو بمنزلة :(أجل).وإذا وصلت قلت: (إنّ يا فتى) ،وهي التي بمنزلة: (أجل)(33)
قال الشاعر(34):
بكر العواذل في الصبو ح يلمنني والو مهنه
ويقلن شيب قد علا ك وقد كبرت،فقلت:إنّهْ
أي:فقلت:أجل.
فهي حينئذ تصديق للخبر فقط مثبتاً كان أو منفياً. فتقول إذا قال: (قام زيد) أو(لم يقم زيد): إنّ،أي: (أجل). هذا على قول الزمخشري،وابن الحاجب.
وعن المبرد(35) انه حمل على ذلك قراءة من قرأ:((إنَّ هذان لساحران))(36).
وأنكر أبو عبيدة مجيئها بمعنى (نعم)(37) وأول ما استدلوا به على ذلك من قول الشاعر على أن الهاء ليست للسكت،وإنما هي اسم إنَّ والخبر محذوف أي:إنه كذلك.
جاء في( شرح التسهيل):( والذي زعم هذا القائل ممكن في البيت المذكور،فلو لم يوجد شاهد غيره لرجح قوله،ولكن الشواهد على كون إن بمعنى نعم مؤيدها ظاهر،ودافعها مكابر،فلزم الانقياد إليها،والاعتماد عليها)(38)،فمنها قول ابن الزبير،رضي الله عنه،لفضالة بن شريك حين قال له:(لعن الله ناقة حملتني إليك):(إنَّ وراكبها)،أي:نعم،ولعن راكبها،إذ لا يجوز حذف الاسم والخبر جميعا.ومنها قول الشاعر(39):
قالوا:غدرت فقلت:إنَّ وربما نال المنى وشفى الغليل
ومنها قول حسان بن ثابت الأنصاري،رضي الله عنه(40):
يقولون:أعمى قلت :إنَّ وربما أكون واني من فتى لبصير
ومنها قول بعض الطائيين(41):
قالوا:أخفت فقلت:إنَّ وخيفتي ما إن تزال منوطة برجاء
والذي يبدو لي أن ما استدل به سيبويه ليس بنص في كونها بمعنى(أجل) وهذا ما دفع بعض النحويين إلى القول بان البيت يحتمل الأمرين:
الأمر الأول:أن تكون (إنَّ)فيه بمعنى (نعم)والهاء للسكت كما قال سيبويه.
والثاني:أن تكون على بابها والهاء الاسم والخبر محذوف،أي:إنه كذلك كما قال أبو
عبيدة .
وأجاب ابن يعيش عن استدلال سيبويه بأنه:(لو كانت الهاء هاء الإضمار لثبتت في الوصل كما تثبت في الوقف وليس الأمر كذلك إنما تقول في الوصل: (إنَّ يا فتى) بحذف الهاء قال الشاعر:
بكر العواذل في الصبو ح يلمنني والومهنه
ويقلن شيب قد علا ك وقد كبرت فقلت انَّهْ
وإنما الحقوا الهاء كراهية أن يجمعوا في الوقف بين ساكنين لو قالوا:إن فألحقوها الهاء لبيان الحركة التي تكون في الوصل إذ كانوا لا يقفون إلا على ساكن وأما خروج (إنَّ)بمعنى (أجل)فإنها لما كانت تحقق معنى الكلام الذي تدخل عليه في قولك:إن زيدا لراكب،فتحقق بها كلام المتكلم حقق بها كلام السائل إذ كان معناها التحقيق فحصل من أمرها أنها تحقق تارة كلام المتكلم وتارة كلام غيره على سبيل الجواب فاعرفه)(42).
وجواب ابن يعيش ليس كافياً؛لان الاحتمال زائل في قول سيبويه: (إنَّ يا فتى) كقول ابن الزبير رضي الله عنه.
خامساً : حرف الجواب(إيْ)
بكسر الهمزة وسكون الياء؛حرف جواب بمعنى (نعم)،تكون لتصديق مخبر،أو إعلام مستخبر،أو وعد طالب،فتقع بعد (قامَ زيدٌ)،و(هل قام زيد؟)،و(اضربْ زيداً) . لكنها مختص بالقسم،و(نعم)تكون مع القسم وغيره.كقوله تعالى:(( وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي))(43) وليس بلازم أن تقع بعد الاستفهام.وزعم ابن الحاجب أنها إنما تقع بعده جاء في (شرح الوافية):(و(إي)للإثبات بعد الاستفهام يلزمها القسم كقوله:(إي وربي))(44) .
وذكر الرضي الاسترباذي أن (إي) لايستعمل بعدها فعل القسم،فلا يقال:(إي أقسمت بربي).ولا يكون القسم به بعدها إلا(الرب)،و(الله)،و(لعمري). تقول:(إي والله)،و(إي الله) بحذف القسم،ونصب(اللهَ)،(إي ها الله ذا)،و(إي وربي)،و(إي لعمري)(45).
وهذا الذي ذكره الرضي من وجوب حذف فعل القسم بعد(إي)؛لما طال الكلام( بإي)مع كثرة الاستعمال.
فأما إذا وليها متحرك ،فليس إلا إثبات الياء ساكنة نحو: (إيْ وربي) وأما أذا حذفت واو القسم ووليها لفظ (الله) جاز فيها ثلاثة أوجه(46):
الأول:فتح الياء تقول:إي الله وهو أعلاها فتفتح لالتقاء الساكنين كما تفتح نون(منْ)في قولك:( مِنَ الرجل)،ولم يكسروها استثقالاً للكسرة بعد كسرة الهمزة وإذا كانوا قد استثقلوا الكسرة على النون للكسرة قبلها مع أن النون حرف صحيح فلأن يستثقلوها على الياء المكسورة ما قبلها كان ذلك أحرى وأولى.
الثاني:بقاؤها ساكنة والجمع بين الساكنين مبالغة في المحافظة على حرف الإيجاب بصون آخره عن التحريك والحذف،وان كان يلزم ساكنان على غير حده،لأنهما في كلمتين إجراء لهما مجرى كلمة واحدة،ك(الضالين)،و(تُمُود الثوب) كما في: (ها الله) وهذا أيضا من خصائص لفظ (الله)وفي هذه الحالة يجب أن تشبع الياء مدا.
والثالث:وهو أقلها أن يقولوا: (إللهِ)فيحذفوا الياء لالتقاء الساكنين لان همزة الوصل محذوفة للوصل أي:في درج الكلام،وإيلاء الهمزة المكسورة اللام المشددة.
وقد جاء في(شرح المفصل): ولا يكون في الله من قولك:(إي الله)إلا النصب(47) ولو قلت:(ها اللهِ)لخفضت لان إي ليست عوض عن حروف القسم إنما هي جواب لمن سأل عن الخبر فقلت: (إي والله لقد كان كذا)بخلاف (ها)فانه عوض عن الواو ولذلك يجامعها(48).
والذي يبدو لي انه يجوز جر لفظ الجلالة(الله)،و(ربي)بعد (إي)عند إسقاط واو القسم لان حرف القسم كثر في كلامهم وحذفوه تخفيفا وهم ينوونه لان العرب إلى تخفيف ما أكثروا استعماله أحوج وقد سمع من العرب من يقول: (اللهِ لافعلنَّ) أي: واللهِ لافعلنَّ.
سادساً : حرف الجواب(جَلل)
لفظ مشترك ؛يكون اسماً ،وحرفاً
فأما (جلل الحرفية) فحرف من حروف الجواب ،بمعنى(نعم). ذكر صاحب (رصف المباني)،وقال:إن (جلل)ليس لها في كلام العرب إلا معنى الجواب خاصة.يقول القائل:هل قام زيد؟ فتقل في الجواب : جلل.ومعناها ( نعم ) حكى ذلك الزجاج في كتاب (الشجرة) فعلى هذا لا تعمل شيئاً، إنما هي نائبة مناب الجملة الواقعة جواباً. وهي تعد في كلامهم قليلة الاستعمال(49).
وكما أن (جلل)جاء حرفا بمعنى(نعم) جاء اسماً،بمعنى(عظيم) قال الشاعر(50):
قومي هم قتلوا-أميم-أخي فإذا رميت يصيبني سهمي
فلئن عفوت لأعفون جللا ولئن سطوت لأوهنن عظمي
وبمعنى(يسير)قال امرؤ القيس وقد قتل أبوه(51):
بقتل بني أسد ربهم ألا كل شيء سواه جلل
وبمعنى(أجل)كقولهم: (فعلت كذا من جللك) أي من أجلك. ومنه في أحد القولين قول جميل(52):
رسم دار وقفت في طلله كدت أقضي الحياة من جلله
فقيل: أراد من أجله، وقيل:أراد من عظمه في عيني.
ومثل لمعانيها الأربعة صاحب(صرف العناية) بقوله(53):
تقول هل تبكي؟ جلل من جلل ما بي وهذا جلل من جلل
فجلل الأول حرف مبني على السكون بمعنى(نعم) والبواقي أسماء معربة والأول بمعنى(أجل) والثاني بمعنى(اليسير) والثالث بمعنى(العظيم) أي:تقول أنت كالمنكر علي هل تبكي وأقول نعم أبكي من اجل ما بي من اليم الشوق وهذا الذي تراه من بكائي بالنسبة إلى مصيبتي قليل من كثير.
سابعاً : حرف الجواب(جَيْر)
بكسر الراء على أصل التقاء الساكنين الراء والياء (كأمس) وبالفتح للتخفيف (كاينَ) و(كيفَ)،والكسر أشهر. فان قيل فما بالهم فتحوا في أينَ وكيفَ وليتَ وكسروا جير وفيها من الثقل ما في ليت وأخواته قيل على مقدار كثرة استعمال الحرف يختار تخفيفه فلما كثر استعمال أينَ وكيفَ وليتَ آثروا الفتحة طلباً للخفة لثقل الكسرة بعد الياء ولما قل استعمال جير لم يحفلوا بالثقل وأتوا فيه بالكسر الذي هو الأصل(54). وفيها خلاف: منهم من قال:إنها حرف جواب بمعنى(نعم) فتكون حينئذ تصديقاً للخبر سواء كان الخبر موجباً أم منفياً، ولا تستعمل في جواب الاستفهام، فتقول:إذا قال: (قام زيد)أو (لم يقم زيد) :جير،أي: (نعم) هذا على قول الزمخشري و ابن الحاجب(55).
وجاء في( شرح الرضي على الكافية):أنها تقوم مقام الجملة القسمية،والجامع أن التصديق توكيد وتوثيق كالقسم،تقول: (جير لافعلن)،كأنك قلت: (نعم والله لافعلن)(56). ونحو قول الشاعر(57):
قالوا:قهرت فقلت:جير ليعلمن عما قليل أينا المقهور
وقد يؤتى بها دون القسم،كما يؤتى (بنعم)و(اجل).نحو قول الراجز(58):
قالت أراك هاربا للجور من هدة السلطان قلت جير
ومنهم من قال: إنها اسم بمعنى (حقا) فتكون مصدراً.
ومنهم من قال: إنها بمعنى(أبداً)فتكون ظرفاً كعوض(59).
قال ابن مالك: و(جير) حرف بمعنى(نعم) لا اسم بمعنى (حقاً)؛ لان كل موضع وقعت فيه(جير) يصلح أن يوقع فيه(نعم) وليس كل موضع وقعت فيه(جير) يصلح أن يوقع فيه(حقاً) فإلحاقها ب(نعم)أولى.وأيضاً فإنها أشبه بنعم لفظاً واستعمالاً؛ ولذلك بنيت. ولو وافقت (حقاً) في الاسمية لأعربت، ولجاز أن يصحبها الألف واللام،كما أن(حقاً)كذلك.
ولو لم تكن بمعنى(نعم) لم تعطف عليها ،في قول بعض الطائيين(60):
أبى كرما لا آلفاً جير أو نعم بأحسن إيفاء وأنجز موعد
ولم يؤكد (نعم) بها،في قول طفيل الغنوي(61):
وقلنا على البردي أول مشرب نعم،جير،إن كانت رواء أسافله
ولا قوبل بها (لا) في قول الراجز(62):
إذا تقول(لا) ابنة العجيري تصدق(لا) إذا تقول: جير
فهذا تقابل ظاهر،ومثله في التقدير قول الكميت (63):
يرجون عفوي ولا يخشون بادرتي لا جير لا جير، والغربان لم تشب
أي: لا يثبت مرجوهم، نعم تلحقهم بادرتي،أي: سرعة غضبي.
واحتج من ادعى اسمية(جير) بتنوينه في قول الشاعر(64):
وقائلة أسيت،فقلت: جيرٍ أسي،إنني من ذاك انّه
ولا حجة فيه،لأنه فعل مضطر.ويحتمل أن يكون قائله أراد توكيد(جير) (بأن) التي بمعنى نعم فحذف همزتها أي: همزة (إن) وخفف.
ويحتمل أن يكون شبه آخر النصف بآخر البيت،فنون تنوين الترنم. وهو لا يختص بالأسماء،بل يلحق الحرف والفعل(65).
قال المرادي:(( أشار الشلوبين إلى هذا الاحتمال الثاني. وهو أقرب من الذي قبله. والله أعلم))(66).
ومنهم من قال: إنها اسم فعل،بمعنى أعترف. نسبه الرضي إلى عبد القاهر (67).
https://www.et3lom.com/2021/12/letters-of-answer-and-endorsement.html